الأحد، 22 يونيو 2014

لا تحجّر لهم.. تنجح

كنت في بداياتي أفرح حينما أنجو بكذبةٍ لخداع رئيس لي، بإحدى تلك القصص التي كنت أجد في ابتكارها ملاذاً لتفسير تأخري أحياناً، أو عدم إنجاز عمل طُلب مني، حتى أتحاشى جلد سياط اللوم والتقريع، أحد أبغض الأشياء إلى نفسي...



نقلاً عن صحيفة مكة

عقدان من الزمان أمضيتها في ميدان العمل أكتسب منذ سن مبكرة أسرار النجاح، ولا أدعيّ أنني نجحت بعد. وكنت في بداياتي أفرح حينما أنجو بكذبةٍ لخداع رئيس لي، بإحدى تلك القصص التي كنت أجد في ابتكارها ملاذاً لتفسير تأخري أحياناً، أو عدم إنجاز عمل طُلب مني، حتى أتحاشى جلد سياط اللوم والتقريع، أحد أبغض الأشياء إلى نفسي.

كنت أعود مزهواً بانتصاري المزعوم، مغتراً بذكائي "الهش" وقدرتي على إقناع الآخر بوجهة نظري أو بقصتي على الرغم من أنه يكبرني بسنوات، وربما بعمر يعدل عمري كله، لم أتنبه حينها إلى أنه عارض وقتي ولا قيمة له، فالمكاسب الحقيقية في هذه الحياة، تلك التي تدوم على الثقة وكسب احترام الآخرين.

وبعد رحلة طويلة اكتنزت بالمواقف، حتى أصبح لي أصدقاء من رجال الأعمال أو مدراء في مناصب عليا، وأصبحت أنا من أولئك المديرين الذين يُقدم موظفوهم بين أيديهم أعذاراً ويبتكرون قصصاً على شاكلة تلك التي كنت أبتكرها في الماضي البعيد، أدركت أن عبارات التلطف التي كان مدرائي يتظاهرون بها أمامي حينما أختلق ذلك العذر أو المبرر، لم تكن أكثر إلا "تغافل" وإدعاء الجهل من قبلهم؛ حتى لا يحرجوني ويضيقوا عليّ الخناق.

الأمر الذي اكتشفته منذ عشر سنوات تقريباً حينما صادقت الإداري المحنك ورجل الأعمال الدؤوب "جمال الزامل" الذي أدين له بالفضل في كثير من خبرتي الإداريه المتواضعه؛ حينما أقتربت منه وهو يدير شركاته، وشاهدته وهو "يتغافل" بفن وفطنه عاليه، بالإضافة إلى إصغائي إلى قصص رجال الأعمال مع موظفيهم. والذي اكتشفته أيضاً وأنا أمارسه مع من أسعدني الحظ بأن أكون رئيسهم أو بالأصح زميلهم في العمل، وهذا ببساطة لأنني مستعد لتصديق جميع القصص وقبول جميع الأعذار والتغافل التام عن الهفوات، والظهور بمظهر المدير المخدوع المصدق لكل القصص والروايات، طالما أنهم يقدمون الجهد والإبداع الذي يقودنا للنجاح معاً.

المدير الذكي، هو ذلك الرجل الفطن الذي يعرف حقيقة الأمور ولكنه لا يحاصر موظفيه ويضيق عليهم الخناق؛ لتبقى بيئة العمل مثالية وغير طاردة أو خانقة، فيقدم موظفوه أفضل ما لديهم، فينجح معهم وبهم.
التغافل، فن من فنون الإدارة وهو كما يقول الحكماء: (ممحاة.. نمحي بها أخطاء وهفوات الآخرين)، وهو ما يجب أن نطبقه في جميع حياتنا، وبالأخص مع أخواننا وزوجاتنا وأصدقائنا وزملاء العمل؛ لنخلق بيئة مليئة بالإيجابية والتسامح.

هناك 7 تعليقات:

  1. من اجمل ما قرأت
    تحياتي محمد الخراشي

    ردحذف
  2. أزال المؤلف هذا التعليق.

    ردحذف
  3. كلام رائع وواقعي فحين تضيق الخناق علي شركائك في العمل لن تجدهم الي جانبك عند الحاجه لهم .

    ردحذف
  4. من أكذب ماقرأت 😊

    ردحذف
  5. من اقبح الردود كان الرد قبلي

    ردحذف
  6. يالا روووعه المقال
    شكرا لك اخي
    نورتا الله يجزاك خير

    ردحذف

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.