مفيد
النويصر @Mofeed_n
قبل بعثة
النبي صلى الله عليه وسلم بخمس سنوات (وهو في الخامسة والثلاثين) جرف السيل مكة
ومبانيها فأوشك بيت الله على الانهيار، فاضطرت قريش إلى تجديد
بنائها
حرصاً على مكانته، واتفقوا على ألا يدخلوا في بنائه إلا مالا حلالاً طيباً، لعظمة
البيت وشأنه الرفيع.
وحينما لم
تكتمل الأموال التي تكفي بناءه كما كان، قاموا ببناء البيت بما جمعوه وأصبح جزء من
الكعبه خارج البناء وهو (حِجر إسماعيل عليه السلام، ويطلق عليه أيضاً "الحطيم").
وحينما اختلفت قريش في من له حق وضع الحجر الأسود في موضعه، وكاد يتحول الأمر إلى
حرب ضروس في أرض الحرم، اتفقوا أن أول من يدخل عليهم من باب المسجد (باب بني شيبة)
أن يرتضوا حكمه، وشاء الله أن يكون ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل بعثته،
فلما رأوه هتفوا جميعاً: (هذا الأمين، رضيناه، هذا محمد).
فوضع الحجر فوق
رداء وطلب من رؤساء
قريش المتنازعين أن يمسكوا جميعاً بأطراف الرداء، وأمرهم أن يرفعوه، حتى
إذا
أوصلوه إلى موضعه أخذه بيده الشريفة فوضعه في مكانه صلى الله عليه وسلم.
لذلك، لا
غرابة في أن يغضب الناس لأي أمرٍ يمس الكعبة؛ حباً، وقداسة لهذا البيت العظيم. وهو
ما حصل خلال الأيام الماضية حينما شارك في غسل هذا البيت العتيق "مطرب مغربي،
و زوج مطربة خليجية".
هنا أود أن
أستعرض بعض ما جاء في السيرة النبوية حول الكعبة المشرفة وما جاء في فضلها،
وتفاصيل أحداث ما حدث في "غسل الكعبة" قبل أيام (محرم 1435 هـ):
1.
مسألة دخول الكعبة والصلاة فيها:
a)
لم يمنع الشرع أي مسلم أو مسلمه من دخول
الكعبة، ولم يحدد شروطاً لدخولها سوى (أن يكون مسلماً) وأن دخول الكعبة متاح لأي مسلم،
الا أنه جرت العادة أن لا تفتح الكعبة في المساء، وهذا واضح من حديث عائشة رضي
الله عنها، حيث كانت تريد أن تدخل للكعبة ليلا، ورفض سادن الكعبة حينها "عثمان
بن طلحة" وذهب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقالت له يا رسول الله إن عثمان
يقول الكعبة لا تفتح بليل لا في الجاهلية ولا في الإسلام إلا إذا أمرتنى بفتحها،
ولكن رسول الله صلى الله عليه وسلم تقديرا لسادن الكعبة قال لعائشة: (عليك بالحِجر
فإنه من الكعبة، وفي رواية أخرى قال لها: صلي في هذا الحطيم فإنما هو قطعة من
البيت).. أي حِجِر إسماعيل عليه السلام.
b)
في منطقة حجر إسماعيل (وهو جزء من
الكعبة) يصلي يومياً المسلمون والمسلمات صلاواتهم – غير المفروضة – ومن هؤلاء المصلون
المؤمن والفاجر، المذنب والتائب، الراقص والعابد، المطرب والإمام، وكل مسلم أو
مسلمة استطاعا الوصول لداخل بيت الله وتحديداً (حِجر إسماعيل).
2.
مراسم
غسل الكعبة:
a.
تُغسل
الكعبة مرتين في العام، "في غرة شعبان ومنتصف محرم"، ويدعى لمراسم غسيلها
في كل مرة قرابة 500 مسلم من المملكة ومن مختلف
مسلمي الدول الإسلامية والعالمية.
والجهة الداعية لغسل الكعبة هي الدولة عن طريق المقام السامي أو ممثله
حاكم مكة عن طريق أمارة منطقة مكة المكرمة التي توجه الدعوات الرسمية الى عدد من
الشخصيات والمنظمات الإسلامية في الداخل والخارج، والهيئات الدبلوماسية والسياسية
في المملكة، بعدما تصلها قوائم الدعوات من كبير سدنة بيت الله الحرام، ورئاسة
الحرمين الشريفين وغيرهم. ويحق لهذه الجهات دعوة من تختار من المسلمين للمشاركة
بمراسم غسيل الكعبة.
ومراسم غسل الكعبة، تشريف رباني يهبه الله تعالى لمن يشاء من عباده، ولمن
تتوق نفسه لهذا الشرف العظيم من المسلمين، وهو ما كان أمنيةً للمطرب وزوج المطربة
كحال بقية المسلمين، لذلك لا يمكن بأي حال أن يعتقد أحد أن شرف غسل الكعبة هي
منكرمة من سادن أو إمام أو حتى ملكية، وما الجهات الداعيه إلا أسباب.
b.
ترفع
أسماء الضيوف من الجهات السابق ذكرها للإمارة، ليتم طباعة بطاقات الدعوة واتخاذ
اللازم لترتيبات الدعوة.
3.
أزمة
المطرب المغربي، وزوج المطربة أحلام.. الكل ينفي:
a.
غضب الناس في مواقع التواصل الإجتماعية مبرر؛
لعظمة ومكانة بيت الله في نفوس المسلمين كافة. ولكن هنالك من استغل هذا الأمر إما
لتصفية حسابات شخصية مع الإمارة وأميرها، أو سعياً للبطولة في قضية حساسة كهذه
اعتقادا منه أنها تجلب مزيداً من الشهرة كونها تلامس أمراً عظيماً مثل غسل الكعبة،
وهي عادة أصبحت يومية في تويتر، بدليل أن هؤلاء الأشخاص لم يكلفوا أنفسهم عناء السؤال
في الأمر والتحقق منه ومن تفاصيله قبل إلقاء التهم، التي بدأت تتكشف يوما بعد
الآخر أن اتهاماتهم طالت كل الجهات، وكانت ردود الجهات كلها (النفي) والتنصل من
المسؤولية.
b.
ثم ظهرت وثيقة تبين أن القائمة التي
رفعها "السادن" تتضمن اسم المطرب المغربي، وهو ما نفاه السادن لاحقاً، (وهنا
خرج نفس الأشخاص الذين هاجموا إمارة مكة وأميرها وطالبوا الناس بتحري الدقة قبل
اتهام السادن، وهو مالم يفعلوه مع إمارة مكة!) وبدورها حامت الشبهات حول رئاسة
الحرمين التي نفت بدورها أنها قدمت دعوة رسمية للشخصيتين؛ كون شؤون مراسم
"غسل الكعبة" لا تتبع للرئاسة.. ثم
تردد أن دعوة مبارك الهاجري تمت عبر سفارة بلده وهو ما نفته سفارة قطر في الرياض عبر
موقع صحيفة "سبق".
صورة من قائمة أسماء ضيوف سادن الكعبة
صورة من نفي دعوة السادن للمطرب المغربي
نفي رئاسة الحرمين
نفي سفارة قطر عبر موقع سبق الإخباري
c.
هنالك
أمران مهمان لم يتطرق لهما أحد، وهما:
1. أن اسم المطرب المغربي المعروف فنياً باسم عبدالفتاح الجريني هو
(عبدالفتاح كريني) حتى في الهاشتاق الذي انتشر في "تويتر" حول نفس
الموضوع عبدالفتاح_ الجريني_ يشارك_ بغسل_ الكعبة. وهو ما
يجعل المسألة بعيده عن ذهن أي موظف في سفارة السعودية بالمغرب من اكتشاف الأمر
مباشرة. علماً أن الحد الأدنى أن يفيد مرجعه أن المدعو لغسل الكعبة
"مطرب" وأيضاً للإنصاف، لا يتحمل موظفي السفارة أي مسؤولية أو مبرر لفعل
ذلك كونه ليس من ضمن المحظور دخولهم للسعودية.
صورة من جواز سفر عبد الفتاح كريني
2. أن بطاقة الدعوة الموجهة للقطري مبارك الهاجري لم تصدر عبر الإمارة،
والسبب، أنها ليست مطبوعة إلكترونياً كباقي البطاقات التي تصدر متسلسلة بالأرقام
ومطبوعة إلكترونياً.
بطاقة مبارك الهاجري تم تعبئتها يدوياً، أما بطاقة المطرب المغربي صدرت إلكترونيا
d.
انشغل
الناس بشخصيتين فقط من ضمن المئات الذين دخلوا للكعبة في مناسبة غسلها ولم يتسائل
أحد، من هؤلاء الباكستانيين والإستراليين والنيجيريين والأمريكان وباقي الجنسيات
الأخرى من الضيوف، وماهي وظائفهم وأعمالهم، علماً أن شرف زيارة بيت الله الحرام
(منحة ربانية) وليست (منحة ملكية)، لأن الله وحده يعلم ما تخفي الصدور.
ولن أستغرب إن تجاهل الناس، لو دُعيّ لغسل الكعبة "داعية سارق"
أو "قاضي مرتشي" أو "كاتب عدل مزورٌ للصكوك" فقط لأنه سعودي
أعفى لحيته!.
e.
الكل
يتلاعب بالألفاظ ويضلل العامة من الناس..
"رئاسة الحرمين" نفت أن تكون مراسم
غسل الكعبة من اختصاصها (وأخفت أنها من الداعين أيضا في بيانها، وربما يكون من دعا
"الهاجري" ببطاقة لم تمر عبر الإمارة من موظفيها كتصرف فردي، حتى لا
تظهر مقصره أو بها موظف ضعيف نفس).
"والسادن" نفى معرفته بالمطرب المغربي أو حتى دعوته (وأخفى
أنه يحق لأسرته أيضاً دعوة من يشاؤون دون أن يعرف كل فرد في القائمة حتى لا تلتصق
بهم تهمة دعوة المطرب التي أغضبت الناس) لذلك هو صادق أنه لم يدعو المطرب لكنه لم
ينفي أنه ضمن قائمته!.
ولكن للحق والإنصاف: يحق للسادن وأسرته دعوة من يشاؤون لمراسم غسل
الكعبة، وهو ما يستغله بعض الناس للهجوم على مقام السادن الذي أصدقه بأنه لا يعرف
عبدالفتاح الجريني ولم يدعوه شخصياً، وهنا يود البعض أن يروج أن سدنة بيت الله يتقاضون
أمولاً من زوار بيت الله أثناء مراسم غسل الكعبة أو فتحها (بهدف تشويه سمعة السادن)..
ولو افترضنا أن هذا الإتهام صحيح، فحديث رسول الله واضح في مسألة أن يقبل السدنة
الهدايا والعطايا من زوار بيت الله الحرام، ولا يعيبهم ولا يُنقص من مكانتهم إن
قبلوها، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (خذوها يا بني طلحة بأمانة
الله سبحانه واعملوا فيها بالمعروف «وفي رواية أخرى: وكلوا منها بالمعروف» خالدة
تالدة لا ينزعها منكم إلا ظالم).
4.
كيف بدأت
الحملة وكيف تحولت بعدما اتضحت الأمور:
1. لا يزعجني رد فعل العامة الناس الذين دفعتهم الغيرة على بيت الله أن
يُغسل من مطرب وزوج مطربة (وهو أمر فيه نقاش وجدل وسأتجاوزه)، لأنه يحتاج تفصيل شرعي عن ماهي شروط من يحق له غسل الكعبة من المختصين والعلماء، مع قبولي لسماع كل
الأراء والنقاش في هذه المسألة من باب حق إبداء الرأي.
لكن ماذا عن من يصفون أنفسهم بالإعلاميين
المخضرمين، وهم أبعد ما يكونون عنها، والذين بدأوا باتهام الإمارة وأميرها مباشرة وتوجيه عبارات (العيب والعار)
وشتموا وقذفوا كل من ناقشهم في الأمر، وحينما طالت التهمة "السادن"
المكيّ، طالبوا (بالمهنية الإعلامية والأخلاقية) وأن يُمنح "السادن" حق
الرد والتبرير، وهو ما لم يطالبوا به في أول الأمر، حتى إن كانت بطاقات الدعوة موجهة من الإمارة، لأنه كما ظهر أمامكم الآن أن في الأمر (نفيٌ، وتأويل، وأطراف كثيرة).. ولكنه الكيل بمكيالين وضعف المهنية (وأهداف أخرى) !.
هنا صدر الحكم "والاستنكار والرفض" بناءً على صورة الهاجري التي ظهرت في تويتر (ولم يتم المطالبة) بسؤال الإمارة!
وهنا.. وبعد أن بدأت الإتهامات تطال مقام "السادن المكي" دخلت الأخلاق والمهنية على الخط!
2. حتى هذه اللحظة لا يُعرف من منح "الهاجري" بطاقة الدعوة،
وهو ما يجب البحث عنه ومعرفته لأنه تم بطريقة غير مشروعة، سواءً كان في
"رئاسة الحرمين" أو "إمارة مكة".
5.
أخيراً:
أعددت هذا التقرير لتفصيل المسألة، دون أن لا يهمني رضا أو سخط أي طرف في هذا
التقرير حول ما كتبته، ولا تربطني بأي منهم أي علاقة أو صله أو مصلحة أو خلاف.
والله من وراء القصد،،،