حينما أستمع لقصة نجاح شخص أنوي الكتابة عنه، أجد نفسي لا شعورياً
أتسرب إلى تفاصيل حياة البطل؛ باحثاً عن أسرار نجاحه لأمنح نفسي ذلك البعد
الإنساني الذي نشتاق لمعرفته جميعاً. ولكن رغم إنجاز بطل قصتنا اليوم "جلال" إلا أنني تعلقت بقصة
والده "العم سليمان" أكثر، لذلك سأروي قصة العم سليمان وسأختصر قصة جلال
وبذلك ستتكشف لكم روعة القصتين.
نقلا عن صحيفة مكة
ولد "سليمان العويبدي" عام 1958 في قرية غران (شمال جدة 80
كلم) التابعة لمحافظة خليص، والتي يسكنها غالبية من بني عمر التابعين لقبيلة حرب، ونشأ
مع جده بعد أن توفي والده، وعمل في الزراعة وجلب المياه من الآبار البعيدة، وإحضار
العلف للبهائم، والزراعة، دون أن يعرف معنى لحياة المدنية التي تتزين بالكهرباء
والتكييف والتلفاز والغاز.
كان سليمان حريصا على التعليم منذ طفولته، فكان يحصل على تعليمه خفية عن
جده لأن الزراعة هي مصدر رزق العائلة وكانت مزارعهم تبعد قرابة 5 كيلو مترات. واستمر
سليمان يدرس خفية ومساءً إلى أن أنهى تعليمه الثانوي، ثم انتقل إلى مدينة جدة
ليلتحق بمعهد الإتصالات، الذي حصل فيه على المركز الأول، ليستحق بذلك تكريما من وزير
البرق والبريد والهاتف آنذاك، ثم بدأ ينتقل مع عملٍ لآخر ليمنح أبناءه الذين جاءوا
للحياة تتابعاً حياة أفضل من تلك التي نشأها، لكنه لم يبتعد خطوة واحدة عن تحقيق
أمنيةٍ نمت معه منذ الصغر وهي التعليم الجامعي، فألتحق "إنتسابا" بجامعة
الملك عبد العزيز في تخصص المحاسبة، وتخرج فيها ليلتحق بمصلحة الزكاة والدخل التي
يعمل في إدارتها المالية اليوم في المرتبة العاشرة.
رزق الله سليمان ثلاث ذكور وابنتين، جلال هو الأصغر بين الذكور، ونشأ
في نفس القرية الريفية التي نشأ والده فيها، أثناء عمله في "اتصالات
الليث" وحظي بإهتمام والده هو وأشقاؤه خصوصاً في التعليم، لذلك تخرج جلال في
الثانوية العامة بإمتياز ليلتحق بكلية الحاسب الآلي في جامعة الملك عبد العزيز
بجدة، يقول جلال: "كنت متميزا في الرياضيات والحاسب الآلي، وكنت أستمتع بقصص
معلم الحاسب الآلي الذي كان يروي لنا قصصا عن أحد أصدقاءه الذي غادر إلى كندا
وتفوق فيها، إلى درجة أنني كنت أتخيل نفسي أتجول في الجامعات العالمية مع الطلبة
المبدعين".
في الجامعة كان جلال حريصا على تطوير نفسه بإجتهاد ملفت، وكأنما يخطط
لشيء. فأصبح يبذل مزيداً من الجهد في القاعات ومعامل الحاسب إلى أن تخرج في الجامعة
عام 2005 بإمتياز مع مرتبة الشرف الثانية وحصل على شهادة الطالب المثالي ومنح
"المفتاح الذهبي" عام ٢٠٠٤ ليمثل الجامعة في مركز الموهوبين.
ثم تحقق حلمه حينما غادر إلى الولايات المتحدة الأمريكية لدراسة
الماجستير والدكتوراة، وحصل على إمتياز مع مرتبة الشرف في الماجستير من جامعة ديبول
عام 2005 وحصل على الدكتوراة قبل أربعة أيام فقط من جامعة "إلينوي"، يقول
جلال: "لطالما تمنيت أن أرد لوالديّ جزء من المعروف الذي قدماه لي ولأشقائي،
فهما أنهكا نفسيهما من أجلي أنا وأخوتي، لذلك كان منظر صديق معلمي في ذاكرتي منذ
المرحلة الثانوية، وكنت أحاول أن أقنع نفسي منذ تلك الأيام أنني قادرٌ على فعل شيء
كبير ومشرف إن أخذت فرصتي لأجعل من والديا فخورين بي.. لذلك تعبت في دراستي لأستحق
الفرصة حينما تأتي".
وفعلا جاءت الفرصة، وهاهو جلال مستعد لها بإذن الله، حيث تلقى دعماً ودعوةً
من شركة Yahoo العالمية لإستكمال أبحاثه في مشروع الدكتوراة الذي كان عنوانه:
(كشف المخادعين في شبكات التواصل الإجتماعي) وأعتبرت رسالته من أهم وأبرز المشاريع
المستقبلية التي يجب أن تستثمر الشركة فيها، ولتكون رسالته الفريدة نواةً للإنطلاق
في هذا المجال.
أخيراً، إذا كان لنا أن نفخر بجلال ومشروعه، فيجب أن لا ننسى الأب
العظيم الذي غرس في جلال وأشقاءه هذا الحب للإنجاز والتحدي، وأن نتذكر دوما أن
البدايات البسيطة أهم وقودٍ للنجاح إن كانت لنا قلوب حية.
اولا نهيئه على درجة الدكتوراه. ثانيا مثل هذا الشاب المثابر والطموح من نفخر به محليا ودوليا .. فليت اعلامنا يسلط الضوء عليه ليكون قدوة لبقية الشباب .. وان يكرما من أعلى سلطات لدينا . فبمثله نصنع حاضرنا ومستقبلنا .
ردحذفما شاء الله تبارك الله. هذه النوعية من أبناء الوطن من يستحقون أن نفخر بهم وإلى مزيد من التقدم والنجاح.
ردحذفما شاء الله ..حقا يستحق التكريم
ردحذفالى الامام وبالتوفيق.