الانتماء إلى
أسرة لها تاريخها العريق في فن الطهي جعل (إنصاف متلقيتو) ابنة مكة المكرمة،
وخريجة كلية الآداب تتحدث بثقة عالية عن الأسباب الوجيهة التي منحتها بطاقة المرور
إلى عالم الطهي، حيث بدأت موهبتها منذ نعومة أظافرها وهي تراقب جدها وهو يعمل في
الطهي لعدة سنوات، حتى أصبحت مثل أسرتها، تعبر عن سعادتها ومحبتها للناس بطهي ألذ
وأطيب الأكلات.
وحينما تستمع
إنصاف من صديقاتها عن وجبة مميزة في أحد المطاعم، لا تتردد فورًا في زيارته لتتأمل
ملامح مكونات الوجبة، فتختلي بنفسها في بمطبخها لأيام متتالية تعمل على ابتكار
مكوناتها وإضافة لمساتها الخاصة، وما إن يتذوق أحدهم هذه النكهة حتى يقول: هذه إنصاف.
تقول ابنة الـ 26 عامًا: تربيت في أسرة أساسها طاهٍ عظيم، هو جدي عبدالحميد متلقيتو الشهير (بالأبيض) نقيب الطهاة والحلوانية في مكة، فقررت أن أتجه للطهي في المطابخ بدلاً من العمل في وظيفة لا أحبها ولا أرى نفسي من خلالها.
وبجوار إنصاف، تقف لجين العصلاني البالغة من العمر (21 ربيعًا)، وهي ترتدي ملابس الطهي مثل كبار الطهاة المحترفين، لكنها لا تحمل إرثًا أسريًّا في الطهي مثل إرث قرينتها إنصاف، إلا أنها محترفة بالفطرة؛ تميز مقادير الطعام من رائحتها، ولأنها نشأت في أسرة مبدأها في الحياة (لا للمستحيل) فهي تستمتع حينما تعيد طهي أطباقها مراتٍ عدة لتصل للخلطة السرية التي تجعل من أطباقها مختلفة الطعم عن باقي الطهاة. تقول لجين: لم أحب شيئًا في هذه الحياة أكثر من الطهي، وحينما كنت أردد على صديقاتي أنني سأكون طاهية شهيرة يومًا ما، لم أكن أجد أي دعم إلا من خلال صديقتيّ (بشائر، وأشواق)؛ لذلك قررت أن أحترف الطهي وأنا في السابعة عشرة من عمري، إلى أن حققت الخطوة الأولى من حلمي.
صَدَمت لجين عائلتها حينما قررت ترك الجامعة لتتفرغ للعمل في مطعم، وهو ما لم تواجهه إنصاف التي نشأت في أسرة طهاة أساسًا؛ لتجتمعا معًا مثل صانعتي ألعاب في مباراة كرة سلة، تتحركان بسرعة لتلبية خيارات زبائن مطعم (فطور فارس) الذائع الصيت؛ لتقدما أكثر من ثلاثين صنفًا من ألذ الأكلات بجوار شاباتٍ سعوديات آخريات لا تقل أي واحدة منهن عن لجين وإنصاف في المهارة والفن وشغف الطهي.
فارس التركي،
مالك مطعم (فطور فارس) ليس قصة نجاح لأنه أسس مطعمًا من خلال (هاشتاق) وحسب، بل
لسببين آخرين؛ لأنه استقطب أشرف وأنظف الأيدي من أخواتنا السعوديات ليعملن خلف
حاجز عازل بين مطبخهن وأعين الناس لتقدمن قصص نجاح لها نكهات شهية كأطباقهن، ولأنه
فتح بابًا للرزق لأخواتنا رغم أن ما سيدفعه لأي أخٍ وافد أقل بكثير مما تتقاضاه
بطلات قصة مطعمه.
أخيرًا.. أعظم إرثٍ نتركه لبناتنا.. ثقتنا بهنّ.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.