انتقل "عبدالخالق" وزوجته "آمنة" من محافظة رابغ إلى جدة قبل 50 عاماً، بحثاً عن الرزق والتعليم لأبنائهم، وسكنا بعد وصولهما في "حي الرويس" واستطاع عبد الخالق بمساعدة بعض الأقرباء الذين سبقوه إلى جدة، أن يجد سكناً متواضعاً يستر به على نفسه وأبناءه، ووظيفة "سائق" في مصلحة التأمينات، فيما عملت آمنه زوجته على مساعدته بالخياطة وتربية الدجاج لبيعها على الجيران.
نقلاً عن صحيفة مكة
كان أول قرارٍ اتخذه عبد الخالق بعدما استقر في منزله هو أن تصطحب زوجته آمنه كل صباح بناته لمنزل (السيدة أمينة) التي كانت تمتلك إحدى دور تعليم الفتيات التي كان يطلق عليها في حينها "الكتاتيب" مقابل أن تعمل ابنته (ناجيه) وشقيقاتها في منزل السيدة أمينة في الطبخ التنظيف وتنسيق حديقة منزلها؛ كونه كان فقيراً ولا يمتلك ما يكفي لدفع رسوم تعليم بناته للسيدة أمينه، وأستمرت ناجيه وشقيقاتها يتعلمن ويعملن يومياً في بيت السيدة أمينه إلى أن صدر قرار الدولة بتعليم الفتيات (عام 1960) حينها التحقت ناجية وشقيقاتها بأول دفعة بمدارس التعليم الحكومي للبنات. وقُبلت ناجية في الصف الأول الإبتدائي بعد أن رضخت وزارة التربية والتعليم لدموعها وتوسلاتها وقدرتها على القراءة والكتابة وهي أصغر من السن القانونية لدخول المدرسة.
كان أول قرارٍ اتخذه عبد الخالق بعدما استقر في منزله هو أن تصطحب زوجته آمنه كل صباح بناته لمنزل (السيدة أمينة) التي كانت تمتلك إحدى دور تعليم الفتيات التي كان يطلق عليها في حينها "الكتاتيب" مقابل أن تعمل ابنته (ناجيه) وشقيقاتها في منزل السيدة أمينة في الطبخ التنظيف وتنسيق حديقة منزلها؛ كونه كان فقيراً ولا يمتلك ما يكفي لدفع رسوم تعليم بناته للسيدة أمينه، وأستمرت ناجيه وشقيقاتها يتعلمن ويعملن يومياً في بيت السيدة أمينه إلى أن صدر قرار الدولة بتعليم الفتيات (عام 1960) حينها التحقت ناجية وشقيقاتها بأول دفعة بمدارس التعليم الحكومي للبنات. وقُبلت ناجية في الصف الأول الإبتدائي بعد أن رضخت وزارة التربية والتعليم لدموعها وتوسلاتها وقدرتها على القراءة والكتابة وهي أصغر من السن القانونية لدخول المدرسة.
كان انغلاق المجتمع قبل نصف قرن تكسوه عادات وتقاليد
ليست من الإسلام في شيء، لذلك لم يكن مقبولاً فكرة خروج المرأة من المنزل للتعليم في
المدارس ولهذا السبب كانت صدمة عبد الخالق كبيرة حينما واجه مقاطعة أقربائه ونظرات الاستنكار
من جيرانه الذين حاولوا جاهدين ثنيه عن قرار تعليم بناته في المدارس، حتى أصبحت سيرته
على كل لسان أنه "الغريب" الذي أخرج بناته من المنزل للمدراس دون
مراعاةٍ لعادات المجتمع وتقاليدهم.
هانت عليه أوجاع ردود الأفعال كلها، من رفض
أقرباءه دخول بيته وشرب قهوته أو ضيافته وهو أمرٌ جلل بالنسبة للرجل الشرقي، بالإضافة لمساعدته، ولكن ذلك كان أهون من وجع همسات الناس وعبارات الاستهجان التي لاحقته، ولكنه كان مؤمناً بأن الخلل في عقول
الناس وليس في كتاب الله الذي سكن قلبه ونزل على نبيه موصياً إياه وأمته من الجنسين بـ (اقرأ)؛
لذلك كان يوصي ابنته ناجية وشقيقاتها بألا يلتفتن لأي تجريح أو كلمة تثنيهن عن مواصلة
التعليم إن حصل ذلك من أحد، وطلب من ناجيه وعداً بأن يكون رد جميلها له هو نجاحها وتفوقها
في التعليم وأن تتفرغ مستقبلاً لخدمة "قضية تعليم المرأة" لتكون سبباً
في فعل الخير الذي سيطال أجره لهما عند السميع العليم.
استمر الحال على ما هو عليه لمدة ثلاث سنوات إلى
أن أصبحت الأمهات السعوديات والسيدات العربيات والمقيمات من المسلمين الهنود والإندونيسيين
والأفارقة في جدة يأتين ببناتهن لمنزل عبدالخالق لتقوم ناجية بتعليم بناتهن في المنزل
سراً؛ لعدم قدرة أزواجهن على تحمل ما يتحمله عبدالخالق من المجتمع، وعاماً بعد آخر
اكتشف الأهالي أن بناتهن في منزل عبدالخالق أكثر أمانا وتحصيناً بالعلم من بقائهن في
بيوتهم وأيقنوا أن هذا الرجل الصالح وابنته قدوةٌ في الأخلاق قبل العلم، ما ساعدهن
وأزواجهن على كسر الحاجز النفسي لتسجيل بناتهن في مدارس التعليم الحكومي بشكل تدريجي.
استمرت ناجية في تعليم بنات الحي واستمرت تتفوق
في كل مرحلة إلى أن أنهت الثانوية العامة، وكان طموحها أن تلتحق بكلية الطب لتكون من
أوائل الطبيبات السعوديات، ولكن العدد المخصص لهذه الكلية لم يستوعبها فالتحقت بكلية
"العلوم" مع أول دفعة، وبعد أشهر طُلب منها الانتقال لكلية "الطب"
نتيجة انسحاب بعض الطالبات ولكنها رفضت الطلب لأنها وجدت في تخصص "الطفيليات"
شغفاً تود أن تكمل مسيرتها فيه، وهو ما حصل فعلاً عام 1979 حينما تخرجت مع أول
دفعة لطالبات كلية العلوم بإمتياز مع مرتبة الشرف، ثم حصلت بعدها على الماجستير
والدكتوراه في نفس التخصص.
اليوم، ناجية هي البروفيسورة "ناجية عبدالخالق
زنبقي" التي صنفتها المجلات العالمية كواحدة من أفضل عشرة باحثين على مستوى
العالم، وهي التي تقلدت العديد من المناصب الأكاديمية في جامعة الملك عبدالعزيز بجدة
منها رئيسة مركز الموهوبات ونائبة مدير مركز النانو، وتمثل دولتها في كثير من المؤسسات
العلمية عالمياً، ولها اكتشافات أبهرت بها علماء العالم وحصلت بموجبها على
ميداليات عالمية وبراءات اختراع طبية وعلمية لخدمة البشرية، وتشارك ضمن المحكمين عالمياً
كخبيرة سعودية عالمية مرموقة، وهي التي فازت أخيراً بالجائزة الأولى في مسابقة
"ابتكار 2013" في مجال تخصصها العلوم.
البروفيسوره ناجيه بنت عبد الخالق الزنبقي
العم عبد الخالق الزنبقي
لم يكتب المولى -عز وجل- نهاية حياة العم عبدالخالق الذي كان الناس يستنكرون عليه إخراجه بناته للمدارس حتى سمع بأذنيه من كنية (أبو الدكتورة) وأصبحوا يقدمونه في صدر مجالسهم ويتباهون به في مناسباتهم، وبذلك أوفت ناجية بالوعد الذي قطعته على نفسها أن تستمر في التعلم والأبحاث وتعليم البنات كما فعلت وهي طفلة، دون أي ضجة إعلامية أو طمع في شهرة شخصية. فعلت هذا فقط لوجه الله ومن اجل قضية آمنت بها هي ووالدها.
كلام كثير ما بدي
ردحذفلكن سأكتب لك آية :
"( أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاء اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ
قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ
إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُوا الأَلْبَابِ. )
ما شاء الله تبارك الله
ردحذفهنيئاً لوالدها ولها.
من جد وجد ومن سار على الدرب وصل.
شكراً اخي مفيد على التعريف بهذه النماذج النيره.
المملكه تطورت بفضل من الله ثم امثال عبد الخالق الي حكموا العقل ووقفوا مع الحق رغما عن الصعوبات 👏
ردحذف