ولدت "ماريه داس" ابنة المهاجر البرتغالي
في منطقة كاراتنجا خارج مدينة ريو دي جانيرو بالبرازيل، وكان والدها رجلاً عنيفا ومدمناً
على الكحول. كما أنها نشأت في أحد أفقر الأحياء الشعبية على الإطلاق التي يطلق على قاطنيها
(مجتمع مدينة الصفيح)؛ لشدة الفقر وانتشار الجرائم والإكتظاظ السكاني وتجارة
المخدرات.
عملت ماريه منذ طفولتها بين النفايات لجمع
العلب والورق لتحصل على المال من شركات تدوير النفايات، ثم أصبحت تساعد جيرانها من
المهاجرين البرتغاليين على كتابة الرسائل مقابل مبالغ زهيده كلما كبرت وازداد تعليمها، أما والدتها فكانت تعمل في البيوت من أجل مساعدتها لتستمر في
التعلم، تقول ماريا: (إنني لم أكن أعلم أبداً متى سأتوقف عن الدراسة لأنني على الدوام أجد صعوبة في توفير قيمة الرسوم الدراسية والكتب، ولكن أمي زرعت داخلي الإرادة والإصرار لأكمل تعليمي مهما كانت الصعوبات).
كافحت ماريه إلى أن انهت تعليمها الجامعي في تخصص
الهندسة الكيميائية (1978)، التحقت كمتدربة في شركة بتروبراس البترولية في البرازيل، وبعد
عام حصلت على ماجستير في الهندسة النوويه ثم ماجستير في إدارة الأعمال (1999)، واستمرت تعمل بجد في أكبر شركة للنفط في البرازيل،
وزاحمت الرجال في أعمال التنقيب داخل أعماق البحار إلى أن أصبحت اليوم الرئيس
التنفيذي لإحدى أكبر شركات التنقيب عن البترول في العالم.
يطلق على ماريه اليوم Caveirao
أي (سيارة الشرطة المصفحة)، حيث تعتبر المرأة
الحديدية في البرازيل، والنموذج المثالي للمرأة التي تجمع صفتيّ "الصبر والقوة" حيث منحتها مجلة فوربس الترتيب الثالث للمرأة الأكثر نفوذا
في العالم، تقول ماريا: (في بداية حياتي العملية كنت في مشادة كلاميه مع أحد
المسؤولين، وفجأة قال لي: يجب أن تفهمي جيداً أن بعض المناصب لا يمكن أن تشغلها
إمرأة. حينها لم يكن لديّ إلا أن استمع لهذه العبارة بصمت ومزيداً من الإصرار
والتحدي).
ماريه التي يعرفها كل البرازيليين ابتداءً من
رؤساء الدولة إلى أفقر مواطن، تمتلك ثروةً ونقوذاً تجعلها تسكن أرقى المنازل لتعكس
مكانتها في الأوساط الاجتماعية والسياسية في البلاد، خصوصاً أنها كانت وزيرة
الطاقة (عام 2003)، لكنها فضلت أن تسكن في شقة عادية في حي "كوكا كابانا"
المجاور للأحياء الشعبية مع زوجها الإنجليزي الأصل (كولن فوستر)، وتستخدم
المواصلات العامة وسيارات الأجرة لتستمع يومياً لمشاكل الفقراء وتسعى لحلها، تقول
ماريه: (لا أود أنسى طفولتي والبسطاء الذين كانت لقروشهم البسيطة فضل في تعليمي،
لذلك قررت أن أسكن قريبةً منهم وأن أشاركهم همومهم يومياً لأساعد في حلها قدر
استطاعتي مع كل مشوارٍ أقضيه).
ماريه مع رئيسة دولة البرازيل "ديلما روسيف" الحالية
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.